أسماك الصحراء.. بديل واعد للدواجن
04/04/2006
حازم يونس**
التزاوج بين الاستزراع السمكي وإنتاج بعض محاصيل الخضر بالمناطق الصحراوية
خلقت الرغبة في تقليل استيراد السمك، وخلق بدائل للدواجن بعد أزمة إنفلونزا الطيور، أهمية كبيرة للمزارع السمكية، حتى إنها أصبحت واحدة من أهم مصادر إنتاج الأسماك في العديد من الدول النامية، الأمر الذي استدعى ضرورة التوسع في إنشاء هذه المزارع لزيادة المنتج منها. وقد تمكن الباحث أحمد توفيق بالمعمل المركزي للمناخ الزراعي التتابع لوزارة الزراعة المصرية من تصميم نموذج يسمح باستزراع الأسماك بالمناطق الصحراوية، وهو نموذج قريب الشبه مما سبق وقدمه عن استزراع الأسماك فوق أسطع المنزل.
وتعتمد فكره هذا النظام على التزاوج بين الاستزراع السمكي وإنتاج بعض محاصيل الخضر بالمناطق الصحراوية، وذلك بالاستفادة من فضلات الأسماك كمغزي طبيعي للخضر، وفي نفس الوقت تقوم تلك الخضروات بتنقية المياه من الفضلات، فنحصل على سمك نظيف خال من الملوثات.
كيف يعمل النظام؟
لنظام استزراع الأسماك في الصحاري ثلاث وحدات رئيسة (انقر هنا للتكبير)
لنظام استزراع الأسماك في الصحاري ثلاث وحدات رئيسية أولها: وحدة تربية الأسماك وهي عبارة عن حوض خشبي يسع 100 متر مكعب مياه، ويتم تبطينه ببلاستيك 1ملم. وتكون أبعاده 8م × 12م × 1م؛ حتى يمكن إقامة صوبة بلاستيكية عليه خلال فترة الشتاء، مما يتيح لنا إنتاج الأسماك طول العام، وهذه ميزة لا توجد بالمزارع العادية.
أما الوحدة الثانية: فهي وحدة الفلترة أو التنقية وتعمل على حجز الفضلات العضوية والجزء غير المأكول من علف الأسماك، ويتم بناؤها من الطوب وتعبئتها بحبيبات زلط متوسطة السُمك. وأخيراً: وحدة الزراعة بدون تربة وهذه الوحدة خاصة بزراعة النباتات التي تعمل كفلتر أو منقٍ حيوي، وتتكون من قنوات مبنية عرضها 1م، ويتم تبطين هذه القنوات ببلاستيك بولي أيثليب (300ميكرون)، ثم يتم تغطية هذه القنوات "بالفوم" والذي يتم تثبيت النباتات فيه، وبالتالي تنمو جذور النباتات أسفل هذا الفوم والمجموع الخضري فوق سطح "الفوم" .. وهناك بعض الملحقات لهذه الوحدات الثلاثة وهي مضخة لدفع المياه من حوض الأسماك إلى وحدة الفلترة وبلور أو مضخة هواء لدفع أكسجين الهواء الجوى داخل حوض تربية الأسماك من خلال شبكة توزيع الهواء.
وعن كيفية عمل هذا النظام يذكر الباحث أن المياه يتم رفعها من حوض تربية الأسماك إلى وحده الفلتره، باستخدام مضخة غاطسة ذات قدرات مناسبة، وذلك لتقوم تلك الوحدة بحجز الفضلات العضوية، ثم تنساب المياه من الفلتر إلى وحدة الزراعة مرة أخرى عن طريق الجاذبية الأرضية، فتقوم النباتات بامتصاص الأمونيا الذائبة التي تنتج عن فضلات الأسماك والتي تعتبر مصدرا للنتروجين اللازم لتغذية النباتات، ثم تعود المياه مرة أخرى بعد ري النباتات إلى أحواض تربية الأسماك خالية من الأمونيا، وبالتالي لا يتم تغيير مياه الأحواض نهائياً – كما يحدث بالمزارع العادية – ولكن يتم إضافة حوالي 1% فقط من حجم حوض الأسماك (أي حوالي 1م3 يومياً) والتي تستهلكها النباتات.
سمك وفير.. وبدون تلوث
يعمل النظام على توفير المياه التي تهدرها المزارع العادية
ولأن توفير المياه والحصول على إنتاج مكثف من الأسماك هدف تسعى إليه كل الدول النامية خاصة التي تعاني من نقص المياه وضعف الثروة السميكة؛ لذلك تعتبر هاتان الفائدتان من أهم ما نجح النظام في تحقيقهما كما يؤكد د/ أسامة البحيري رئيس قسم الزراعة بدون تربة بالمعمل المركزي للمناخ الزراعي، حيث يعمل هذا النظام في الأساس على توفير المياه التي تهدرها المزارع العادية يومياً من أجل تغيير المياه التي أصبحت ملوثة بفضلات الأسماك؛ لأنه يقوم بتنقيتها بشكل طبيعي ودون الحاجة إلى تغيير المياه.. كما يتيح هذا النظام إنتاجا مكثفا من الأسماك يفوق المزارع العادية، فيمكن وفق هذا النظام استزراع الأسماك بمعدلات تكثيف تصل إلى 100سمكة / م2 وبالتالي تبلغ إنتاجية الحوض الذي مساحته 100م2 حوالي 2 طن أسماك خلال الدورة الواحدة، التي مدتها عن 6 إلى 7 أشهر أي إن إنتاجية الفدان تصل إلى 25 طنا خلال الدورة على أساس أن الفدان يسع 12 حوضاً.
وفي المقابل نرى أن الأنظمة التقليدية يكون معدلات تكثيفها 5 سمكات في المتر المربع وبالتالي يكون إجمالي إنتاج الفدان 4000م2 حوالي 4 أطنان خلال السنة؛ مع الأخذ في الاعتبار أنه يتم تغيير المياه في الحوض بنسبة 25% يومياً، وهذا يعني أن ألف متر مكعب مياه يتم إهدارها يومياً وإضافة 1000م3جديدة.
ولا تقتصر الفوائد عند هذا الحد، بل لهذا النظام مزايا أخرى متعددة يكشف عنها د/ أسامة، ولعل أبرزها إنتاج سمك نظيف خال من الملوثات، وهي ميزة هامة جداً في تصدير السمك الذي غالباً ما يرفض من قبل دول الاتحاد الأوروبي لاحتوائه على نسب عالية من الملوثات.
ويطبق نفس الأمر على الخضراوات المنتجة بالنظام ذاته، حيث ستكون خالية من أي آثار للمبيدات أو الأسمدة الكيماوية. كل ما سبق من مزايا إلى جانب إتاحة النظام لسكان المناطق الصحراوية، إلى جانب استخدامهم لبعض من إنتاجه في التغذية، خاصة أنهم لا يعتمدون في غذائهم على بروتين السمك لبعدهم عن مناطق إنتاجه وارتفاع أسعاره في الأسواق القريبة منهم لارتفاع تكاليف نقله لتلك الأسواق.
عائد كبير.. مقابل تكلفة بسيطة
وعن العائد الذي يمكن الحصول عليه أعد الباحث أحمد توفيق دراسة جدوى حول هذا النظام، وبحساب تكاليف إنشاء النظام التي تشمل تكاليف ثابتة تتمثل في إنشاء الحوض ووحدة الفلترة ووحدة الزراعة بدون تربة ومضخات رفع المياه وبلاور الهواء. وأخرى متغيرة وتشمل تكاليف زريعة الأسماك والعلف، وجد أنها تصل إلى 22 ألف جنيه مصري (حوالي 3860 دولارا) منها 15 ألف جنيه للتكلفة الثابتة و7 آلاف جنيه للمتغيرة.
أما عن الإنتاجية فيمكن إنتاج 2 طن من مساحة 100م2 خلال الدورة الواحدة وبالتالي يحقق العائد خلال الدورة من 13 إلى 14 ألف جنيه مصري على افتراض أن سعر أسماك البلطي يتراوح في الغالب بين 6.5 و7 جنيهات للكيلو، أي إن متوسط الربح خلال الدورة الواحدة إذا خصمنا التكاليف المتغيرة يتراوح بين 35 و 50%.
اقرأ أيضا: